الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: موسوعة الفقه الإسلامي
.من يتولى إقامة الحدود: 1- عَنْ ابنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الخَطّابِ، وَهُوَ جَالِسٌ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم: إنّ اللهَ قَدْ بَعَثَ محمداً صلى الله عليه وسلم بِالحَقِّ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الكِتَابَ، فَكَانَ مِمّا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةُ الرّجْمِ. قَرَأْنَاهَا وَوَعَيْنَاهَا وَعَقَلنَاهَا، فَرَجَمَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ، فَأَخْشَى إنْ طَالَ بِالنّاسِ زَمَانٌ، أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ: مَا نَجِدُ الرّجْمَ فِي كِتَابِ الله، فَيَضِلّوا بِتَرْكِ فَرِيضَةٍ أَنْزَلَهَا اللهُ، وَإنّ الرّجْمَ فِي كِتَابِ الله حَقٌّ عَلَى مَنْ زَنَى إذَا أَحْصَنَ، مِنَ الرّجَالِ وَالنّسَاءِ، إذَا قَامَتِ البَيّنَةُ، أَوْ كَانَ الحَبَلُ أَوْ الإِعْتِرَافُ. متفق عليه. 2- وعن أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا زَنَتِ الأمَةُ فَتَبَيَّنَ زِنَاهَا فَليَجْلِدْهَا وَلا يُثَرِّبْ، ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَليَجْلِدْهَا وَلا يُثَرِّبْ، ثُمَّ إِنْ زَنَتِ الثَّالِثَةَ فَليَبِعْهَا وَلَوْ بِحَبْلٍ مِنْ شَعَرٍ». متفق عليه. .آداب إقامة الحد: 1- امتثال أمر الله في إقامة الحدود، لا التشفي والانتقام. 2- دفع الفساد عن الخلق. 3- إصلاح الخلق. .مكان إقامة الحدود: فيقام حسب المصلحة في مكان عام، أو في مكان العمل ونحو ذلك بشرط أن يحضره طائفة من المؤمنين، ويقام في بلده سواء كانت مكة أو غيرها. ولكن الأفضل والأولى أن تقام الحدود في الأماكن العامة التي يأتي إليها كل أحد، ليحضرها أكبر عدد من المؤمنين، وبذلك يحصل الردع للجاني وغيره. قال الله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ [2]} [النور: 2]. .أنواع الجلد في الحدود: .صفة الجلد في الحدود: ويتقي أثناء الجلد أربعة أشياء: الرأس.. والوجه.. والفرج.. والمقاتل. 2- المرأة كالرجل في الجلد، إلا أنها تُضرب جالسة، وتشد عليها ثيابها، وتُمسَك يداها عند الحاجة؛ لئلا تنكشف. .حكم من اجتمعت عليه حدود: 1- إذا اجتمعت عليه حدود من جنس واحد، بأن زنا مراراً، أو سرق مراراً ونحوهما، فهذه تتداخل فلا يُحدّ إلا مرة واحدة. 2- إن وجبت عليه حدود لله من أجناس مختلفة كبكر زنا وسرق وشرب الخمر فلا تتداخل، فتقام عليه كلها. يُبدأ بالأخف، فيُجلد للشرب، ثم يُجلد للزنا، ثم يُقطع للسرقة. 3- إن وجبت عليه حدود لله، وحدود خالصة للآدمي كما لو قذف وسرق وقتل. فهذه تستوفى كلها، ويُبدأ بالأخف فالأخف، فيُحد للقذف، ثم يُقطع، ثم يُقتل؛ لأنها حقوق لله وللآدميين فلابد من استيفائها. .حكم تأخير إقامة الحدود: أو لعارض يترتب عليه مصلحة المحدود ذاته كما في شدة حر أو برد أو مرض، أو لمصلحةِ مَنْ تعلَّق به كالحمل والرضاع ونحوهما. عَنْ بُرَيْدَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: جَاءَتِ الغَامِدِيّةُ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ الله إِنّي قَدْ زَنَيْتُ فَطَهّرْنِي. وَإِنّهُ رَدّهَا. فَلَمّا كَانَ الغَدُ قَالَتْ: يَا رَسُولَ الله لِمَ تَرُدَّنِي؟ لَعَلّكَ أَنْ تَرُدَّنِي كَمَا رَدَدْتَ مَاعِزاً، فَوَالله إِنّي لَحُبْلَى. قَالَ: «إِمّا لاَ، فَاذْهَبِي حَتّى تَلِدِي» فَلَمّا وَلَدَتْه أَتَتْهُ بِالصّبِيّ فِي خِرْقَةٍ. قَالَتْ: هَذَا قَدْ وَلَدَتْ. قَالَ: «اذْهَبِي فَأَرْضِعِيهِ حَتّى تَفْطِميهِ». فَلَمّا فَطَمَتْهُ أَتَتْهُ بِالصّبِيّ وفي يَدِهِ كِسْرَةُ خُبْزٍ فَقَالَتْ هَذَا، يَا نَبِيّ الله قَدْ فَطَمْتُهُ، وأَكَلَ الطّعَامَ. فَدَفَعَ الصّبِيّ إِلَى رَجُلٍ مِنَ المُسْلِمِينَ، ثُمّ أَمَرَ بِهَا فَحُفِرَ لَهَا إِلَى صَدْرِهَا، وَأَمَرَ النّاسَ فَرَجَمُوهَا. أخرجه مسلم. .حكم الشفاعة في الحدود: وإذا بلغت الحدود الحاكم حَرُم أن يشفع في إسقاطها أحد، أو يعمل على تعطيلها. ويحرم على الحاكم قبول الشفاعة إذا بلغه الحد، ولا يجوز له أخذ المال من الجاني ليُسقط عنه الحد. ومن أخذ المال من الزاني أو السارق أو شارب الخمر ونحوهم ليعطل حدود الله فقد جمع بين فسادين عظيمين: أكل السحت.. وتعطيل الحد.. وترك الواجب.. وفعل المحرم. عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أنَّ قُرَيْشًا أهَمَّتْهُمُ المَرْأةُ المَخْزُومِيَّةُ الَّتِي سَرَقَتْ، فَقَالُوا: مَنْ يُكَلِّمُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم، وَمَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إِلا أسَامَةُ، حِبُّ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَكَلَّمَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم، فقال: «أتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ الله». ثُمَّ قَامَ فَخَطَبَ، قال: «يَا أيُّهَا النَّاسُ، إِنَّمَا ضَلَّ مَنْ قَبْلَكُمْ، أنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ الضَّعِيفُ فِيهِمْ أقَامُوا عَلَيْهِ الحَدَّ، وَايْمُ الله، لَوْ أنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعَ مُحَمَّدٌ يَدَهَا». متفق عليه. .حكم توبة الجاني: 1- قال الله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ [33] إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [34]} [المائدة: 33- 34]. 2- وعَنْ عَمْرو بْنِ العَاصِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ لهُ: «أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الإِسْلاَمَ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ؟ وَأنَّ الهِجْرَةَ تَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلِهَا؟ وَأنَّ الحَجَّ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ؟». أخرجه مسلم. .حكم الصلاة على المقتول: وإن كان المقتول كافراً كالمرتد والذمي فلا يغسل، ولا يكفن، ولا يصلى عليه، بل يلف بثيابه، ويحفر له حفرة في الأرض ويوارى فيها؛ لأنه كافر. عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنّ امْرَأَةً مِنْ جُهَيْنَةَ أَتَتْ نَبِيّ الله؟، وَهِيَ حُبْلَى مِنَ الزّنَى. فَقَالَتْ: يَا نَبِيّ الله أَصَبْتُ حَدّاً فَأَقِمْهُ عَلَيّ. فَدَعَا نَبِيّ الله؟ وَلِيّهَا، فَقَالَ: «أَحْسِنْ إلَيْهَا. فَإذَا وَضَعَتْ فَائْتِنِي بِهَا» فَفَعَلَ. فَأَمَرَ بِهَا نَبِيّ الله؟. فَشُكّتْ عَلَيْهَا ثِيَابُهَا، ثُمّ أَمَرَ بِهَا فَرُجِمَتْ، ثُمّ صَلّىَ عَلَيْهَا. فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: تُصَلّي عَلَيْهَا يَا نَبِيّ الله وَقَدْ زَنَتْ؟ فَقَالَ: «لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ قُسِمَتْ بَيْنَ سَبْعِينَ مِنْ أَهْلِ المَدِينَةِ لَوَسِعَتْهُمْ، وَهَل وَجَدْتَ تَوْبَةً أَفْضَلَ مِنْ أَنْ جَادَتْ بِنَفْسِهَا؟ تَعَالَىَ؟». أخرجه مسلم. .حكم من مات في الحد: .الفرق بين حق الله وحق الآدمي: وحق العبد: هو كل ما للعبد إسقاطه كالقصاص والدية. 2- حق الله: أمره ونهيه، وحق العبد مصالحه وتكاليفه. وما من حق للعبد إلى وفيه حق لله تعالى. والحقوق في الشرع ثلاثة أنواع: 1- حق الله تعالى فقط كالإيمان والتوحيد والعبادة. 2- حق العباد فقط كالديون وأثمان الأشياء ونحو ذلك. 3- حق مشترك لله وللعبد كحد القذف. وهذا أوان البدء في بيان أقسام الحدود وأحكامها. .2- أقسام الحدود: .1- حد الزنا: .حكم الزنا: والزنا درجات متفاوتة في الشناعة والقبح. فالزنا بامرأة عفيفة ذات زوج من أعظم الفواحش.. والزنا بحليلة الجار أعظم.. والزنا بذات محرم كالأم والأخت أشد وأعظم. 1- قال الله تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا [32]} [الإسراء: 32]. 2- وقال الله تعالى: {الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ [3]} [النور: 3]. 3- وقال الله تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا [68] يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا [69] إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا [70]} [الفرقان: 68- 70]. 4- وَعَنْ عَبْدِالله بنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قُلتُ يَا رَسُولَ الله، أيُّ الذَّنْبِ أعْظَمُ؟ قال: «أنْ تَجْعَلَ؟ نِدّاً وَهُوَ خَلَقَكَ». قُلتُ: ثُمَّ أيٌّ؟ قال: «أنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ مِنْ أجْلِ أنْ يَطْعَمَ مَعَكَ». قُلتُ: ثُمَّ أيٌّ؟ قال: «أنْ تُزَانِيَ حَلِيلَةَ جَارِكَ». متفق عليه. .فضل ترك الفواحش: 2- وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال: «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللهُ فِي ظِلِّهِ، يَوْمَ لا ظِلَّ إلا ظِلُّهُ: الإمَامُ العَادِلُ، وَشَابٌّ نَشَأ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ، وَرَجُلٌ قَلبُهُ مُعَلَّقٌ فِي المَسَاجِدِ، وَرَجُلانِ تَحَابَّا فِي الله اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ طَلَبَتْهُ امْرَأةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ، فَقال إنِّي أخَافُ اللهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ، أخْفَى حَتَّى لا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللهَ خَالِيًا، فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ». متفق عليه. 3- وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ يَضْمَنْ لِي مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ وَمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ أضْمَنْ لَهُ الجَنَّةَ». أخرجه البخاري. .مفاسد وأضرار الزنا: فالزنا مناقض لصلاح العالم في حفظ الأنساب والأعراض والفروج. والزنا يجمع خلال الشر كلها، ويفتح على العبد أبواب المعاصي كلها، من ظلم الخلق، وإضاعة أهله وأمواله، وقطيعة الأرحام، وكسب الحرام، ويولِّد الأمراض النفسية والقلبية، ويورث الفقر والمسكنة. والزنا يولِّد سيماء السواد والفساد في وجه فاعله، ويورث نفرة الناس ووحشتهم منه، وسقوطه من أعينهم. والزنا يسبب ظلمة القلب، ويولد رائحة كريهة بغيضة في البدن. وللزنا عقوبات شديدة: أما في الدنيا فبالرجم للمحصن، والجلد لغير المحصن، مع العار والفضيحة. وأما في الآخرة فالزاني إن لم يتب يُجمع في تنور في نار جهنم مع الزناة والزواني عراة. 1- قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا [68] يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا [69] إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا [70]} [الفرقان: 68- 70]. 2- وَعَنْ سَمُرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَ: «إِنَّهُ أتَانِي اللَّيْلَةَ آتِيَانِ، وَإِنَّهُمَا ابْتَعَثَانِي»-وفيه: أنَّهُمَا قَالا- «وَأمَّا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ العُرَاةُ الَّذِينَ فِي مِثْلِ بِنَاءِ التَّنُّورِ، فَإِنَّهُمُ الزُّنَاةُ وَالزَّوَانِي». متفق عليه. .سبل الوقاية من الزنا: ونظم الإسلام بالنكاح الشرعي وملك اليمين أسلم طريقة لتصريف الغريزة الجنسية، وحِفظ النسل. ومَنَع الإسلام أي تصرف في غير هذا الطريق المشروع. فأمر بالحجاب، وغض البصر عن الحرام، ومداومة الطاعات. ونهى عن التبرج، والسفور، والاختلاط.. وخلو الرجل بالمرأة الأجنبية.. وسفر المرأة بلا محرم.. وضرب النساء الأرض بالأرجل.. ومصافحة الرجال.. والخضوع بالقول.. وإظهار الزينة.. والرقص والصور والغناء.. ونحو ذلك من كل ما من شأنه أن يثير الغريزة، أو يدعو إلى الفحش. وذلك كله من أجل ألا يقع الرجل والمرأة في فاحشة الزنا. 1- قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا [59]} [الأحزاب: 59]. 2- وقال الله تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ [30] وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [31]} [النور: 30- 31]. 3- وقال الله تعالى: {يَانِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا [32] وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا [33]} [الأحزاب: 32- 33]. 4- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «كُتِبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ نَصِيبُهُ مِنَ الزِّنَا، مُدْرِكٌ ذَلِكَ لاَ مَحَالَةَ، فَالعَيْنَانِ زِنَاهُمَا النَّظَرُ وَالأُذُنَانِ زِنَاهُمَا الاِسْتِمَاعُ، وَاللِّسَانُ زِنَاهُ الكَلاَمُ، وَاليَدُ زِنَاهَا البَطْشُ، وَالرِّجْلُ زِنَاهَا الخُطَا، وَالقَلبُ يَهْوَى وَيَتَمَنَّى وَيُصَدِّقُ ذَلِكَ الفَرْجُ وَيُكَذِّبُهُ». متفق عليه. .أقسام الزناة: والمحصن: من وطئ امرأته المسلمة أو الكتابية في نكاح صحيح، وهما بالغان، عاقلان، حران، مختاران. وغير المحصن: من فقد أحد هذه الشروط الستة. .خصائص حد الزنا: الأولى: القتل فيه بأبشع القتلات، وهي الرجم بالحجارة للمحصن. وحيث خففه كما في حد غير المحصن جمع فيه بين العقوبة على البدن بالجلد، وعلى القلب بتغريبه عن وطنه سنة. الثانية: نهي المؤمنين أن تأخذهم رأفة بالزناة تمنعهم من إقامة الحد عليهم؛ لأن الله أرحم بعباده حيث شرع هذه العقوبة. الثالثة: أمر الله أن يشهد عذابهما طائفة من المؤمنين ليحصل الردع والزجر. قال الله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ [2]} [النور: 2]. .الشبهات الدارئة لحد الزنا: 1- شبهة في الفاعل: كأن يطأ مطلقته ثلاثاً ما دامت في العدة ظاناً بقاء حلها، وكأن يطأ المطلقة البائن على مال أو المختلعة ما دامت في العدة ظاناً حلها. 2- شبهة في الموطوءة: كوطء الشركاء الجارية المشتركة. 3- شبهة في السبب المبيح للوطء: كالنكاح بلا ولي، ونكاح الأخت في عدة أختها البائن، ونكاح الخامسة في عدة المرأة الرابعة البائن. .حكم من أقر بالحد ولم يبينه: 1- عَنْ أنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَجَاءَهُ رَجُلٌ فقال: يَا رَسُولَ الله، إِنِّي أصَبْتُ حَدّاً، فَأقِمْهُ عَلَيَّ، قال: وَلَمْ يَسْألهُ عَنْهُ، قال: وَحَضَرَتِ الصَّلاةُ، فَصَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الصَّلاةَ، قَامَ إِلَيْهِ الرَّجُلُ فقال: يَا رَسُولَ الله، إِنِّي أصَبْتُ حَدّاً، فَأقِمْ فِيَّ كتاب الله، قال: «ألَيْسَ قَدْ صَلَّيْتَ مَعَنَا». قال: نَعَمْ، قال: «فَإِنَّ اللهَ قَدْ غَفَرَ لَكَ ذَنْبَكَ، أوْ قال: حَدَّكَ». متفق عليه. 2- وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا قَالَ: لَمَّا أتَى مَاعِزُ بْنُ مَالِكٍ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قال لَهُ: «لَعَلَّكَ قَبَّلتَ، أو ْغَمَزْتَ، أوْ نَظَرْتَ». قال: لا يَا رَسُولَ الله، قال: «أنِكْتَهَا». لا يَكْنِي، قال: فَعِنْدَ ذَلِكَ أمَرَ بِرَجْمِهِ. متفق عليه.
|